عاشت مدينة بني ملال ، على امتداد أربعة أيام من 27 إلى 30 أبريل 2016 ، عرسا سينمائيا وثقافيا ناجحا حضره ونشطة ثلة من المبدعين من مصر (النجمة تيسير فهمي والسيناريست والناقد السينمائي وليد سيف ، رئيس قسم النقد السينمائي والتلفزيوني بأكاديمية الفنون بالقاهرة ) ومن المغرب (المخرجون : لحسن زينون ومحمد الشريف الطريبق وسلمى بركاش ومحمد اليونسي وأسماء المدير وإدريس الباين وبوشتى المشروح ومراد خلو ومصطفى الشعبي وفريد الركراكي وناديا غاليا المهيدي وحميد عزيزي... ، والممثلات : سهام أسيف وأمال عيوش ويسرا طارق ... ، والنقاد والباحثون والصحافيون السينمائيون : أحمد سيجلماسي وإدريس القري ونور الدين محقق وسليمان الحقيوي وآيت عمر المختار وأحمد بوغابة وسعيد المزواري والشرقي عامر وبوشتى فرقزايد والحبيب ناصري وحسن نرايس وفاطمة أبو ناجي وجميلة عناب ... ، والفنان التشكيلي عزيز باعقا ، وثلة من مثقفي بني ملال وأطرها الجمعوية وفنانيها وغيرهم ) .
تضمن برنامج هذا العرس عروضا لأفلام سينمائية مصرية قصيرة وطويلة منتقاة بعناية اعتبارها لقيمتها الفنية والفكرية ، ولأفلام مغربية طويلة هي : " أفراح صغيرة " لمحمد الشريف الطريبق و " الوشاح الأحمر " لمحمد اليونسي و " الصوت الخفي " لكمال كمال و " الأندلس مونامور " لمحمد نظيف و " البحر من ورائكم " و " جوع كلبك " لهشام العسري ، ومسابقة لكتابة المقال النقدي السينمائي فاز بجوائزها ثلاثة شبان هم : عثمان الدروسي ومراد خلو ولحسن إفركان ، ومسابقة للأفلام المغربية القصيرة فاز بجائزتها الكبرى وبجائزة الإخراج فيلم " نداء ترانغ " لهشام ركراكي ، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم " نكهة التفاح " لإدريس الباين ، في حين تقاسم جائزة السيناريو مناصفة الفيلمان " الإنتظار في ثلاثة مشاهد " لعبد الإله زيراط و " مناديل بيضاء " لفريد الركراكي .
في الشق الثقافي تم تنظيم ندوة في موضوع " السينما ورهانات التنمية الجهوية " سيرها الناقد نور الدين محقق وشارك فيها بمداخلات المخرج لحسن زينون والناقدان سليمان الحقيوي والحبيب ناصري ، كما تم التعريف بالإصدارات الجديدة وتوقيع نماذج منها : " محمد مزيان : سينمائي وحيد ومتمرد " (من إعداد : أحمد سيجلماسي وإصدار جمعية النادي السينمائي سيدي قاسم) و " أضواء على التراث السينمائي المغربي " (من إصدار نادي إيموزار للسينما تحت إشراف أحمد سيجلماسي) و " عناصر الثقافة الأمازيغية في السينما المغربية " (من إعداد إدريس أزضوض وإصدار نادي إيموزار والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية) و " أسئلة حقوق الإنسان في الفيلم الوثائقي " (من منشورات جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة) ورواية " السمفونية الخامسة " من تأليف المخرج محمد اليونسي . هذا بالإضافة إلى دروس (أو ماستر كلاس) لكل من إدريس القري (حول السينما والنقد) ومحمد عبد الرحمان التازي (حول تجربته السينمائية الطويلة) ووليد سيف (حول النقد السينمائي) ، وورشات تكوينية في كتابة السيناريو وكتابة المقال النقدي ... وتكريم الممثلتين المصرية تيسير فهمي والمغربية سهام أسيف والناقد المغربي أحمد بوغابة .. وفقرات موسيقية وجولات سياحية وغير ذلك .
تمثل هذا العرس السينمائي في " الدورة الثالثة لمهرجان تاصميت للسينما والنقد " التي نظمتها جمعية مهرجان ثقافات وفنون الجبال ببني ملال تحت شعار " السينما ورهانات التنمية الجهوية بشراكة مع مجلس الجهة والمركز السينمائي المغربي ولجنة دعم تنظيم المهرجانات وذلك تحت إشراف ولاية بني ملال خنيفرة .
وقد تضمن كاتالوغ المهرجان إفتتاحية بقلم مديرة المهرجان الشاعرة والناقدة أمينة الصيباري تلخص فيها فلسفة هذه التظاهرة الفنية والغايات المتوخاة من تنظيمها . فيما يلي نص هذه الإفتتاحية :
من يحبون الحياة يذهبون للسينما ومن تحبهم الحياة يأتون لبني ملال :
مهرجان تاصميت للسينما والنقد في دورته الثالثة يوطّن أقدامه في رقعة المهرجانات الوطنية ويعلن عن توجهه العام عبر تصوره الثقافي المزاوج للسينما والنقد. يسير خطوة في السينما وخطوة في الخطاب حول السينما بغية تحقيق معادلة دقيقة تهدف إلى مصالحة المبدع مع الناقد و التشجيع على الكتابة للسينما وعنها. وبذلك تكون اللغة هي العمود الفقري لهذه التظاهرة ، لغة الصورة ولغة الحرف ، وما السينما إلا توليف الأيقونات على الحروف لخلق الدهشة.
دورة أخرى بأفق أرحب تحضر فيها السينما الوطنية بأفلامها الطويلة والقصيرة وتحضر فيها أيضا سينما أخرى كانت دوما قريبة منا ولنا معها تاريخ طويل وربما قد شكلت وعينا لمدة ليست بالقصيرة ، وهي السينما المصرية.
بعد تربعها عاصمة لجهة بني ملال خنيفرة تسائل مدينة بني ملال نفسها في الندوة المحورية للمهرجان قائلة : ماذا يمكن أن أقدم للسينما المغربية؟ وماذا يمكن للسينما المغربية أن تقدم لي؟ أسئلة تطرح نفسها بقوة في الكثير من المناسبات و تبقى مشروعة بالنظر للإمكانيات والثرواث الطبيعية للمدينة وللجهة عموما. جهة أصبحت الآن تستقطب أحد أعرق المهرجانات بالبلد وهو مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة ويمكنها أن تبني استراتيجية تنموية جهوية سينمائية.. . شعار الدورة هو "السينما ورهانات التنمية بالجهة" كتركيز على الرهان الثقافي الذي رفعته جمعية مهرجان ثقافات وفنون الجبال منذ نشأتها للمساهمة في تثمين الألوان الثقافية المحلية والانفتاح على السينما كبوابة على العالم ، كتجلي من تجليّات الحداثة ، كفنّ نشأ وترعرع في المدينة ، كفنّ نتح من باقي الفنون ليكون بذلك حاملا لقيم التمدن والتحضر والإنفتاح واستيعاب تناقضات المجتمع واختلاف مكوناته من أجل الإنتصار للإنسان.. في زمن أصبحت فيه لغة التطرف هي الطاغية .
السينما فضاء رحب ومفتوح على اللامتوقع ، السينما نافذة على الجمال ، السينما مجال لصناعة ثقيلة .."صناعة الحلم"" .
تستضيف هاته الدورة باقة مختارة من أهم الفنانات والفنانين المغاربة الذين شدوا الرحال إلى مدينة الشلالات والظلال بكل فرح لمعانقة ساكنتها المتعطشة لجديد الإنتاجات المغربية والعربية.
تحضر فعاليات هذا المهرجان أيضا كوكبة من النقاد المعروفين بكتاباتهم حول السينما.
"من يحبون الحياة يذهبون للسينما ومن تحبهم الحياة يأتون لبني ملال" دورة بنكهة أخرى تحضر فيها الفرجة السينمائية والمقالة النقدية؛ يحضر فيها التكوين في الورشات وتوقيع الكتب السينمائية. تحضر فيها دروس سينمائية ومحاضرات في النقد .دورة يعانق فيها جمهور المدينة المشهود له بالرقي نجوما يقدرهم .
"إما أن نكون أو نكون بصيغة أجمل " .